إدواردو سافرين هو أحد الشخصيات الرئيسية التي ساهمت في تأسيس منصة فيسبوك، الشبكة الاجتماعية الأكثر شهرة في العالم. ورغم أن دوره في بداية هذا المشروع كان محوريا، إلا أن الخلافات الحادة التي نشبت بينه وبين المؤسس المشارك مارك زوكربيرغ قد أدت إلى انفصال مدوٍ بينهما. تُسلط هذه المقالة الضوء على تفاصيل هذا الخلاف وسيرة حياة سافرين المثيرة.
جدول المحتويات
البدايات المبكرة والحياة الشخصية
نشأته
ولد إِدواردو سافرين في مدينة ساو باولو البرازيلية يوم 19 مارس عام 1982 لعائلة يهودية ميسورة. منذ ولادته، عاش في بيئة مريحة اقتصاديا حيث كان والده، روبرتو سافرين، رجل أعمال ومستثمر ناجح يعمل في مجالات متعددة مثل الملابس والشحن والعقارات. كانت والدته، بولا، طبيبة نفسية معروفة، وقد نشأ إدواردو مع شقيقين آخرين في أسرة تتمتع بمكانة اجتماعية مرموقة.
إنتقلت عائلته لاحقا إلى مدينة ريو دي جانيرو، حيث واصلوا بناء أعمالهم. جده من ناحية الأب، إيجرنو سافرين ، كان له تأثير كبير في مجال الأعمال أيضًا، حيث أسس سلسلة ملابس الأطفال تيب توب (Tip Top) في رومانيا قبل أن تستقر العائلة في البرازيل. هذا التاريخ العائلي المليء بالإنجازات غرس في إدواردو روح الطموح منذ سن مبكرة.
الانتقال إلى الولايات المتحدة
في عام 1993، قررت عائلة سافرين الانتقال إلى الولايات المتحدة بحثا عن فرص اقتصادية أفضل، خصوصًا مع تزايد التوترات الاقتصادية والسياسية في البرازيل خلال تلك الفترة. العائلة استقرت في مدينة ميامي، ولاية فلوريدا. كان لهذا الانتقال تأثير كبير على حياة إدواردو؛ فقد انتقل من بيئة لاتينية تقليدية إلى مجتمع أمريكي متعدد الثقافات، وهو ما فتح أمامه آفاقًا جديدة للتعلم والتطور.
الانتقال إلى الولايات المتحدة شكل تحولا رئيسيا في حياة Saverin، حيث تعرّف على نظام تعليمي مختلف وأتاح له الوصول إلى موارد أكبر، مما ساهم في تنمية اهتماماته العلمية والاقتصادية.
التعليم وبدايات الشغف بالتكنولوجيا
الدراسة في جامعة هارفارد
بعد تخرجه من مدرسة جاليفر الإعدادية في ميامي، واصل إدواردو سافرين مسيرته الأكاديمية بالالتحاق بجامعة هارفارد، حيث أقام في منزل إليوث، أحد منازل الجامعة المخصصة للطلاب. خلال سنواته الجامعية، أصبح سافرين عضوا نشطا في المجتمع الطلابي. انضم إلى نادي فونكس إس كيه، وهو نادٍ اجتماعي بارز في هارفارد يقتصر على نخبة من الطلاب. إضافة إلى ذلك، شغل منصب رئيس منظمة هارفارد للاستثمار، وهو دور سمح له بتطوير مهاراته في إدارة الأموال والاستثمار، وهو ما شكّل لاحقا أساسا لمهاراته في عالم الأعمال.
قبل تخرجه، استغل سافرين ميزة التداول الداخلي بين البرازيل والولايات المتحدة، حيث تمكن من تحقيق مكاسب مالية تقدر بنحو 300,000 دولار بعد استثماره في صناعة البترول. في عام 2006، حصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من هارفارد، وهي شهادة تعكس تفوقه الأكاديمي واهتمامه المبكر بالتكنولوجيا والاقتصاد. كما انضم إلى أخوية ألفا إيبسون فاي، التي ساعدته في بناء شبكة علاقات قوية مع زملائه الطموحين.
كيف أثرت بيئة هارفارد على اهتماماته ومسيرته المهنية
كانت هارفارد بالنسبة لإدواردو سافرين أكثر من مجرد مكان للتعليم الأكاديمي؛ فقد كانت بيئة ديناميكية مليئة بالأفكار الجديدة والمواهب الشابة الطموحة. الطلاب في هارفارد، بمن فيهم سافرين ، كانوا محاطين بأشخاص يبتكرون ويبحثون عن الطرق التي يمكن أن تغير العالم، هذه البيئة الحافلة بالابتكار والتفكير النقدي ساعدت في توسيع آفاق سافرين وتعميق اهتمامه بالتكنولوجيا وريادة الأعمال.
علاقته بزملائه في هارفارد، ومن بينهم مارك زوكربيرغ، كانت نقطة تحول رئيسية في حياته المهنية. بيئة هارفارد دفعت سافرين للتفكير في كيفية استخدام مهاراته الاقتصادية في مجالات التكنولوجيا الحديثة، وهو ما أدى في النهاية إلى شراكته في تأسيس فيسبوك، المشروع الذي سيغير مسار حياته بالكامل.
اللقاء الأول مع مارك زوكربيرغ وتأسيس فيسبوك
اللقاء الأول: كيف وأين التقى سافرين بزوكربيرغ
في السنة الأولى لإدواردو سافرين في جامعة هارفارد، التقى بزميله الطموح مارك زوكربيرج، في تلك الفترة، لاحظ الاثنان غياب موقع إلكتروني مخصص للتواصل الاجتماعي بين طلاب الجامعة، وهو ما أثار فضولهما وفتح المجال أمامهما لتطوير فكرة جديدة. كان هذا اللقاء بداية تعاون مثمر بينهما، حيث أدركا أن هذه الفجوة في التواصل يمكن استغلالها لإنشاء منصة تتيح للطلاب التواصل وتبادل الأفكار بسهولة.
بدأ سافرين وزوكربيرغ في العمل معًا لإطلاق موقع فيسبوك. كان لكل منهما إسهامه الأولي في هذا المشروع، حيث استثمر كل منهما مبلغ 1000 دولار من أجل بدء العمل على تطوير الموقع. في عام 2004 أطلقت النسخة الأولى من Facebook بشكل حصري لطلاب هارفارد، وسرعان ما لاقت شعبية كبيرة. ضجة الموقع في الجامعة دفعت الكثير من الطلاب إلى المطالبة بتوسيعه ليشمل جامعات أخرى.
إدواردو سافرين (يسار) ومارك زوكربيرغ (يمين) يظهران مع زملاء من جامعة هارفارد
في شهر أبريل من نفس العام، بدأ نجاح فيسبوك يتجاوز توقعات المؤسسين. مع تزايد الطلب من الجامعات الأخرى، اتخذ زوكربيرغ وسافرين قرارا بتوسيع المشروع بشكل أكبر. انضم إليهما داستن موسكوفيتز، زميل آخر في هارفارد، وساهم في تحويل فيسبوك من فكرة طلابية إلى شركة ذات مسؤولية محدودة تم تسجيلها في ولاية فلوريدا.
الدور الذي لعبه سافرين في المراحل الأولية لتأسيس فيسبوك
لعب إدواردو سافرين دورا محوريا في تأسيس فيسبوك خلال مراحله الأولى. بصفته الشريك المالي الأساسي، كان سافرين مسؤولا عن تأمين التمويل اللازم لتطوير الموقع وتشغيله. استثمر أمواله الشخصية في المشروع وكان له دور كبير في وضع الاستراتيجيات المالية للشركة في مراحلها الأُولى.
إلى جانب التمويل، كان Saverin يساهم في إدارة الشؤون التشغيلية، بما في ذلك وضع السياسات التي تضمن توسع الموقع بشكل سلس إلى جامعات أخرى. كما كان له دور في بناء العلاقات مع الشركاء والمعلنين، مما ساعد على وضع الأسس التجارية للمشروع وتحويله من مجرد منصة طلابية إلى شركة قابلة للنمو والاستدامة.
دوره في فيسبوك والمساهمات الرئيسية
مسؤولياته ومهامه في الشركة
عندما بدأ مارك زوكربيرج في تطوير موقع فيسبوك، طلب من إدواردو سَافرين توفير 15 ألف دولار لتمويل المشروع، وهو ما فعله سافرين من خلال إيداع المبلغ في حساب مشترك يمكن لكل منهما الوصول إليه. بفضل هذا التمويل الأولي، تم إطلاق الموقع وتشغيله، مما منح سافرين دورا أساسيا في الشركة منذ البداية.
في هيكل الشركة، شغل Mark Zuckerberg منصب الرئيس التنفيذي، وكان مسؤولا عن الجانب التقني والتطويري للموقع. أما Eduardo Saverin، فقد تولى مهام المدير المالي ومدير الأعمال. كان دوره يتمحور حول إدارة الشؤون المالية، تأمين التمويل، وبناء الخطط الاستراتيجية لتوسيع نشاط Facebook وتحويله من مشروع صغير إلى شَركة عالمية.
إلى جانب مسؤولياته المالية، كان سافرين مسؤولا عن تطوير العلاقات مع المعلنين والمستثمرين. نظرا لدوره كمدير أعمال، قام بتأمين العديد من العقود التي ساعدت في تأسيس نموذج الأعمال الأساسي لفيسبوك، مما مكن الشركة من الاستمرار في النمو والتوسع السريع خلال مراحلها الأولية.
التحديات التي واجهها خلال بناء فيسبوك
بعد مرور ستة أشهر على إطلاق فيسبوك، انتقل مارك زوكربيرج وداستن موسكوفيتز إلى بالو ألتو في كاليفورنيا لتأسيس مقر رئيسي للموقع. في المقابل، اختار سافرين الانتقال إلى نيويورك للالتحاق ببرنامج تدريبي في بنك ليمان براذرز. هذا القرار أثار تحديات عدة، حيث بدأ يظهر تباين في الأولويات بين سافرين وزوكربيرغ. بينما كان سَافرين يركز على تأمين مستقبله المهني من خلال التدريب المصرفي، كان زوكربيرغ يسعى لتطوير Facebook بسرعة في وادي السيليكون.
هذا التباعد الجغرافي والفكري بين الشريكين أدى إلى ظهور خلافات في الرؤية. سافرين كان يرى أن تركيزه على الجوانب المالية والمعلنين هو المفتاح لاستمرار نجاح فيسبوك، بينما كان زوكربيرغ يعتقد أن التركيز على التوسع التكنولوجي للموقع هو الأهم. هذا الاختلاف في وجهات النظر، إلى جانب الضغط المتزايد للتوسع، شكل تحديا كبيرا لسافرين في الحفاظ على دوره المؤثر داخل الشركة.
كما واجه سافرين تحديات تتعلق بإدارة العمليات التشغيلية للشركة عن بُعد، في حين كان زوكربيرغ يقود التطورات التقنية من قلب وادي السيليكون.
الانقسام بين مارك زوكربيرغ وإدواردو سافرين
تحليل الأسباب وراء التوترات بينهما
في بداية التعاون بين مارك زوكِربيرغ و إدواردو سافرين، كان هناك توزيع واضح للأدوار. طلب زوكربيرغ من سافرين تنفيذ ثلاث مهام رئيسية قبل مغادرته هارفارد: تأسيس الشركة بشكل قانوني، تأمين التمويل اللازم، وتطوير نموذج عمل قابل للتنفيذ. في البداية، بدت هذه المهام ضرورية لبناء هيكل مستدام لفيسبوك، لكن الأمور سرعان ما بدأت تتعقد.
أَحد أبرز أسباب التوتر كان الخلاف الثقافي بين الاثنين. سافرين كان يشعر بأن الفريق يضيع الكثير من الوقت في الأنشطة الاجتماعية والحفلات، بينما زوكربيرغ وفريقه كانوا يرون أن سافرين يعمل لمصلحته الشخصية وينأى بنفسه عن العمل الجماعي. هذا الانقسام في الرؤية أدى إلى تصرفات أثارت غضب زوكربيرغ، أبرزها قيام سافرين بوضع إعلانات على فيسبوك دون استشارة زوكربيرغ أو الفريق.
تلك الإعلانات كانت تروج لمشروع سافرين الخاص، وهو موقع التوظيف “Joboozle”. زوكربيرغ رأى في هذا التصرف تجاوزا خطيرا، خاصة وأن فيسبوك كان يخطط لدخول مجال الوظائف في المستقبل. غضب زوكربيرغ تعمق عندما علم أن سافرين استخدم منصة فيسبوك للترويج لمشروعه الخاص دون مقابل مالي، مما أثار استياء فريق فيسبوك بأكمله.
القرارات الإدارية التي أدت إلى تفاقم الوضع
مع مرور الصيف الأول، ازداد نجاح فيسبوك بشكل أكبر مما كان متوقعا، وأصبح واضحا أن الشركة بحاجة إلى تمويل إضافي لمواصلة التوسع. العديد من الشخصيات البارزة في وادي السيليكون، مثل بيتر ثيل وريد هوفمان، أبدوا استعدادهم للاستثمار في فيسبوك. ومع ذلك، كان جذب انتباه سافرين ليعطي المشروع الأولوية القصوى يمثل تحديًا.
طلب زوكربيرغ من سافرين إعادة تسجيل فيسبوك كشركة وفق قوانين ولاية ديلاوير، وهي خطوة ضرورية لجذب المستثمرين. لكن سافرين لم يُبدِ اهتماما كافيا بترك حياته المهنية في نيويورك والالتحاق بفريق فيسبوك بشكل كامل. زوكربيرغ كان يرى أن سافرين لا يأخذ فيسبوك بجدية كافية، خصوصا مع تجاهله للطلبات المالية والإدارية الحرجة.
عندما رفض سافرين تركيز جهوده بالكامل على فيسبوك، أصبح الوضع أكثر توترا، لاسيما أن الشركة كانت بحاجة ماسة إلى التمويل للبقاء على قيد الحياة. هذا التباعد في الأولويات دَفع زوكربيرغ لاتخاذ خطوات جذرية لحل المشكلة. تم استبعاد سافرين من اتخاذ القرارات الهامة في الشركَة، ومع دخول شون باركر إلى الفريق، تم تولي المهام التي كان من المفترض أن يقوم بها سافرين، مثل جمع التمويل وعقد الصفقات مع المستثمرين.
في نهاية المطاف، توصل زوكربيرغ إلى قناعة بأن سافرين لم يعد الشخص المناسب للشركة. وتجلّى ذلك في رسائله مع داستن موسكوفيتز، حيث قال بوضوح إن سافرين فشل في تنفيذ المهام الثلاثة الرئيسية: تأسيس الشرِكة، تأمين التمويل، وتطوير نموذج العمل.
الدعوى القضائية الشهيرة بين سافرين وزوكربيرغ
في عام 2005، اندلعت أزمة كبيرة بين إدواردو سافرين ومارك زوكربيرغ عندما تم تخفيض حصته في شركة Facebook بشكل كبير. بدأ الأمر عندما شعر سافرين أنه يتم تهميشه من القرارات الرئيسية في الشركة، وخاصة بعد أن تم نقل مقر فيسبوك إلى كاليفورنيا، بينمَا بقي سافرين في نيويورك لمتابعة دراسة الأعمال.
تخفيض حصص الملكية تم تعديل الهيكل المالي للشركة بطريقة أدت إلى تخفيض حصة سافرين من أسهم فيسبوك بشكل كبير دون موافقته أو علمه. و كان السبب الرئيسي لهذا التحرك هو النزاع حول تمويل الشَّركة واستراتيجية النمو، حيث اتهم زوكربيرغ سافرين بعدم الوفاء بالتزاماته المالية تجاه الشركة.
إجراءات الدعوى القضائية رد سافرين بتقديم دعوى قضائية ضد فيسبوك وزوكربيرغ، مدعيا أنه تم خداعه وأن حقوقه كأحد المؤسسين قد تم انتهاكها. القضية ركزت على حقوقه في الأسهم وأدواره في الشَّركة، وكانت تدور حول التلاعب الذي حصل في هيكل الملكية.
التسوية القانونية في نِهاية المطاف، توصل الطرفان إلى تسوية قانونية سرية في عام 2009. كجزء من التسوية، استعاد سافرين لقبه كأحد المؤسسين الرسميين لفيسبوك، بالإضافة إلى استرداد جزء كبير من حصته الأصلية في الشركة. ورغم أن تفاصيل التسوية لم يتم الإعلان عنها بالكامل، يُعتقد أن سافرين احتفظ بحصة تبلغ حوالي 4-5٪ من فيسبوك، والتي جعلته مليارديراً لاحقاً.
استثمارات إدواردو سافرين بعد مغادرته فيسبوك
استثماراته بعد خروجه من فيسبوك
بعد خروجه من فيسبوك، لم يتوقف إدوارد سافرين عن السعي وراء الفرص الاستثمارية في عالم الأعمال. ففي عام 2010 ، شارك سافرين في تأسِيس منصة “أبورتا”، وهي منصة إلكترونية مخصصة لدعم المبادرات الخيرية، مما يعكس اهتمامه المتزايد بالمسؤولية الاجتماعية والابتكار في القطاع غير الربحي. كان هذا المشروع بمثابة أول خطوة له نحو إعادة تعريف دوره كرائد أعمال ومستثمر خارج إطار فيس بوك.
بعدها، تحول سافرين نحو عالم رأس المال الاستثماري. ففي عام 2015 ، أطلق شركته الخاصة “بي كابيتال” (B Capital)، والتي تركز بشكل كبير على الاستثمارات في منطقة جنوب شرق آسيا والهند. كانت رؤية سافرين واضحة: الاستثمار في شركات ناشئة تعمل على إحداث تأثير كبير في الأسواق الناشئة ذات الإمكانيات العالية.
تأسيسه لشركات جديدة ودوره في عالم التكنولوجيا
بفضل رؤيته الثاقبة وخبرته في عالم التكنولوجيا، نجح سافرين في تأسيس “بي كابيتال” كواحدة من الشركات الرائدة في مجال رأس المال الاستثماري. في عام 2016 ، تمكن صندوق “بي كابيتال” من إبرام صفقات استثمارية بقيمة تتجاوز 140 مليون دولار، حيث شملت هذه الاستثمارات شركة “نينجا فان”، وَهي شرِكة لوجستية مقرها سنغافورة ومتخصصة في خدمات توصيل الطرود للمرحلة الأخيرة. ضمن هذه الاستثمارات، تم تخصيص 30 مليون دولار لدعم التجارة في المناطق اللوجستية، مما عزز من قدرات الشَّركة على تحسين خدماتها ودعم الاقتصاد الرقمي في جنوب شرق آسيا.
إلى جانب “نينجا فان”، استثمر سافرين في عدة شركات ناشئة تعمل على تطوير حلول مبتكرة في قطاعات التكنولوجيا المالية، والرعاية الصحية، والذكاء الاصطناعي. حرصه على الاستثمار في هذه المجالات يعكس رؤيته المستقبلية لعالم التكنولوجيا وكيفية تأثيرها على حياة الأفراد والمجتمعات.
نظرة على أبرز الاستثمارات والمشاريع
واحدة من أبرز استثمارات سافرين كانت في صندوق “أنتلر” (Antler) الاستثماري، وهو مسرع للشركات الناشئة أسسه صديقه وزميله السابق من جامعة هارفارد، ماجينس جرييملاند. سافرين انضم إلى “أنتلر” في مطلع عَام 2020، وكان له دور كبير في تعزيز نمو الصندوق ودعمه للشركات الناشئة في مراحلها الأولى، هذا الاستثمار لم يكن فقط دعما ماليا، بل كان أيضا تأكيدا على التزام سافرين بمواصلة دعم ريادة الأعمَال التكنولوجية على مستوى العالم.
بحلول عام 2023، حقق صندوق “بي كابيتال” نجاحا ملحوظا، حيث بلغت الأصول التي يديرها الصندوق أكثر من 5.5 مليار دولار. هذا النمو الهائل في استثمارات سافرين جعله أحد أثرياء العالم وفقا لتصنيف مجلة فوربس، مما يعكس نجاحه المستمر في تحويل الفرص الاستثمارية إلى قصص نجاح ملموسة.
بي كابيتال B Capital Group، وهي شركة استثمارية خاصة تركز على تقديم الحلول الاستثمارية وتطوير المشاريع في قطاعات متنوعة. على الرَّغم من وجود العديد من الشركات التي تحمل اسما مشابها، يُعرف عن بعض الشركات التي تحمل اسم “Be Capital Group” أنها تقدم خدمات في مجالات متعددة مِثل إدارة الأصول، الاستشارات المالية، والتخطيط الاستراتيجي للشركات.
إلى جانب استثماراته المالية، يلعب سافرين دورا محوريا في تشكيل مستقبل التكنولوجيا في جنوب شرق آسِيَا والهند. بفضل رؤيته الاستراتيجية وقدرته على تحديد الفرص الواعدة، استطاع أن يكون جزءا من التحولات الكبرى في عالم التكنولوجيا والاستثمار، مما يثبت أن خروجه من فيسبوك لم يكن نهاية لمسيرته، بل بداية لفصل جديد مليء بالإنجازات.
تخليه عن الجنسية الأمريكية
الأسباب وراء قراره بالتخلي عن جنسيته
إدواردو سَافرين، الذي يعيش في سنغافورة منذ عَام 2009، اتخذ خطوة مثيرة للجدل في عام 2011 عندما قرر التخلي عن جنسيته الأمريكية. كانت هذه الخطوة جزءا من استراتيجيته للعمل في سنغافورة، حيث أبدى إعجابه بنمط الحياة في المدينة والفرص التي تقدمها في مجالات التكنولوجيا والاستثمار. الجدير بالذكر أن سافرين حصل على الجنسية الأمريكية في عام 1998، ولكن بحلول عَام 2011، اختار التخلي عنها بعد أن قضى عدة سنوات في سنغافورة.
أحَد الدوافع الرئيسية التي ارتبطت بهذا القرار كان تخفيض الضرائب على أسهمه في شَركة فيسبوك. مع استعداد فيسبوك للاكتتاب العام الأولي، كانت حصص سافرين في اَلشركة ذات قيمة كبيرة. ووفقا لتقرير صادر عن صحيفة وول ستريت، فقد تمكن سافرين من توفير ما يصل إلى 700 مليون دولار بفضل تخليه عن الجنسية الأمريكية، وهو ما أثار العديد من التساؤلات حول دافع القرار.
ردود الفعل والتأثيرات الناجمة عن هذا القرار
تخلي سافرين عن الجنسية الأمريكية لم يمر دون انتقادات. فبمجرد إعلان القرار، تعرض لهجوم من شخصيات سياسية أمريكية بارزة. أَحد أبرز المنتقدين كان السيناتور تشاك شومر من نيويورك، الذي اعتبر أن سافرين “باع بلده” من خلال التخلي عن جنسيته لتجنب دفع ملايين الدولارات من الضرائب. هذه التصريحات أثارت جدلا واسعا حول قضية التهرب الضريبي وتأثيرها على الاقتصاد الأمريكي.
في دفاعه عن نفسه، نفى سافرين أن يكون قراره مرتبطا بالتهرب من الضرائب. وأكد أنه دَفع جميع الضرائب المستحقة عليه بما في ذلك “ضريبة الخروج” التي تفرضها اَلولايات المتحدة على الأفراد الذين يتخلون عن جنسيتهم. أشار سافرين أيضًا إلى أنه انتقل إلى سنغافورة في عام 2009، وأن قراره بتقديم طلب التخلي عن الجنسية جاء في يناير 2011، قبل فترة من الاكتتاب العام لفيسبوك. كما شدد على أن قراره كان قائما على رغبته في العيش والعمل في سنغافورة، وليس لتجنب الالتزامات الضريبية.
على الرغم من هذه التصريحات، لا يزال قرار سافرين موضوعا للنقاش، حيث يرى البعض أنه استفاد من نظام الضرائب الأمريكي طوال فترة عمله في فيسبوك، قبل أن يتخلى عن جنسيته لتجنب دفع جزء كبير من أرباحه المستقبلية كضرائب. وفي المقابل، يعتقد آخرون أن قراره يعكس اختيارا استراتيجيا للاستفادة من بيئة استثمارية مواتية في سنغافورة، وهِي خطوة يتخذها العديد من رجال الأعمال الدوليين.
القرار كان له تأثيرات بعيدة المدى، ليس فقط على سافرين نفسه، بل أيضا على النقاش الأوسع حول الضرائب والسياسات المالية العالمية.
فيلم “ذا سوشيال نت ورك”: كيف عُرضت قصة إدواردو سافرين؟
كيف تم تجسيد شخصيته في الفيلم؟
صدر فيلم “ذا سوشيال نت ورك” عام 2010 تحت إخراج ديفيد فينشر ، وتناول قصة تَأسيس فيسبوك والعلاقة المعقدة بين مارك زُوكربيرغ وإدواردو سافرين. قام الممثل أندرو غارفيلد بتجسيد شخصية إدواردو سافرَين، بَينما لعب جيسي آيزينبيرغ دور مارك زوكربيرغ. في الفيلم ، تم تصوير إدواردو كشريك مالي رئيسي لزوكربيرغ، حيث استثمر الأموال اللازمة في المراحل الأولية لتطوير فيسبوك.
عُرض إدواردو في الفيلم كشخص طيب وساذج إلى حد ما، مقارنة بزوكربيرغ الذي كان أكثر حدة ودهاء. ركز الفيلم على الطريقة التي تم بها استبعاد إدواردو تدريجيا من اَلشركة، مما أدى إلى تقليص حصته بشكل ملحوظ. بالإضافة إلى ذلك، أظهر الفيلم إدواردو كضحية لمكائد زوكربيرغ، الذي استغل صداقتهما لتحقيق أهدافه الشخصية.
إعلان فيلم ذا سوشيال نت ورك
دقة الفيلم في تصوير الأحداث والخلافات
على الرغم من أن الفيلم يعتمد على أحداث حقيقية، إلا أن هناك بعض التعديلات الدرامية التي تم إدخالها لجعل القصة أكثر تشويقا وإثارة. تم التركيز بشكل كبير على الصراع بين مارك وإدواردو، وَكان هذا الصراع محوريا في الحبكة. ومع ذلك، تختلف الروايات حول هذه الخلافات؛ فبينما يبرز الفيلم إدواردو كضحية للصداقة والخيانة، يرى البعض أن الرواية الحقيقية للأحداث تحمل جوانب أكثر تعقيدا مما تم تصويره.
لم تكن جميع الأحداث في الفيلم دقيقة بشكل كامل، فهناك بعض المبالغات التي خضعت لتعديلات من أجل التأثير الدرامي. الفيلم قدم صورة متميزة عن الصراعات الداخلية، ولكنه أضفى طابعا أكثر ميلودرامية على بعض الخلافات الإدارية بين الشريكين.
رد فعل إدواردو سافرين بعد عرض الفيلم
عندما تم عرض الفيلم، لم يكن إِدواردو سافرين راضيا عن الطريقة التي تم بها تصويره. اعتبر أن الفيلم شوه بعض الجوانب الحقيقية من شخصيته وعلاقته بزوكربيرغ. رغم الإشادة الكبيرة التي حظي بها الفيلم وأداء أندرو غارفيلد، بما في ذلك ترشيحه لجائزة غولدن غلوب وجائزة البافتا لأفضل ممثل في دور ثانوي، إلا أن سافرين شعر بأن الفيلم قدم صورة غير دقيقة عنه.
في دفاعه عن نفسه، أكد سافرين على أهمية دوره في تأْسيس فيس بوك وأن الفيلم لم يسلط الضوء بشكل كاف على مساهماته الجوهرية. بالرغم من هذه الانتقادات، قرر سافرين عدم الدخول في نزاعات قانونية مع صناع الفيلم، وركز بدلاً من ذلك على استثماراته المستقبلية ومشاريعه الخاصة.
الخلاصة
فيلم “ذا سوشيال نت ورك” قدّم لنا رؤية فنية حول تأسيس فيسبوك، ولكنه ركز بشكل كبير على الصراع بين مَارك زوكربيرغ وإدواردو سافرين. رغم أن الفيلم حقق نجاحا كبيرا، إلا أن دقته في تصوير الأحداث كانت محل جدل. قصة إدواردو سافرين الحقيقية تحمل العديد من الأبعاد التي قد لا تكون واضحة بالكامل في الفيلم، وهو ما يجعله شخصية أكثر تعقيدا مما تم عرضه.
إدواردو سافرين يتحدث عن الابتكار منذ تأسيس فيسبوك
الخاتمة
إدواردو سَافرين، بصفته ، مؤسس مشارك لفيسبوك، كان له دور محوري في انطلاق الموقع الذي غير وجه التواصل الاجتماعي عالميا. رغم مغادرته المبكرة للشركة، إلا أن سافرين واصل مسيرته كرائد أعمال ومستثمر ناجح، خاصة في الأسواق الآسيوية. من خلال تأسيسه لشركة بي كابيتال، أثبت سافرين أن نجاحه لم يكن مرتبطا فقط بفيسبوك، بل استطاع أن يثبت نفسه كمؤسس ورائد أعمال عالمي يساهم في دعم وتطوير الشركات الناشئة حول العالم، قصته هي مثال حي على كيفية تحول الرؤية إلى نجاح مستمر.
اقرأ أيضًا: كريس هيوز – رحلة الشريك المؤسس لفيسبوك
قسم الأسئلة الشائعة (FAQ)
- من هو إدواردو سافرين؟
– إدواردو سافرين هو مؤسس فيسبوك مع مارك زوكربيرغ، و كان له دور مهم في تأمين التمويل الأولي لتأسيس الموقع. رغم خروجه المبكر من الشَّركة، إلا أن اسمه ما زال مرتبطا بتاريخها.
- كم تبلغ ثروة إدواردو سافرين؟
– تقدر ثروة إدواردو سافرين بمليارات الدولارات. وفقا لتصنيف مجلة فوربس، بلغت ثروته حوالي 30 مليار دولار في عام 2024، مما يجعله واحدا من أغنى الشخصيات في العالم.
- هل يمتلك إدواردو سافرين أسهمًا في فيسبوك؟
– نعم، رغم خروجه من إدارة فيسبوك، إلا أن إدواردو سافرين لا يزال يمتلك حصة صغيرة من أسهم الشّركة، والتي زادت قيمتها بشكل كبير مع مرور الوقت.
- ما الذي جعل إدواردو سافرين يتجه نحو الاستثمار في آسيا؟
– اهتمام إدواردو سافرين بالاستثمار في آسيَا بدأ بعد انتقاله إلى سنغافورة في عام 2009. وجد في آسِيا فرصا استثمارية كبيرة، وخاصة في مجال التكنولوجيا والشركات الناشئة، مما جعله يركز جهوده هناك من خلال شَركة بي كابيتال.
- هل ما زال إدواردو سافرين يعتبر مؤسس موقع فيسبوك رغم خروجه المبكر؟
– نعم، بالرغم من خروجه المبكر من إدارة فيسبوك، يظل إدواردو سافرين مؤسسا مشاركا للموقع، ودوره في تمويل المشروع في بدايته لا يزال جزءا مهما من تاريخ الشّركة.
- متى تزوج إدواردو سافرين؟
– تزوج إدواردو سافرين من إلين أندريجانسن في 25 يوليو 2015. حفل الزفاف كان من المناسبات الكبيرة التي جمعت العديد من الشخصيات الهامة.
- Eduardo Saverin - Forbes
- Eduardo Saverin - linkedin
- What Happened To Eduardo Saverin After The Social Network
- Eduardo Saverin - Goodreturns
- Conheça Eduardo Saverin, o brasileiro que ajudou a fundar o Facebook
- Eduardo Saverin’s Settlement After His Lawsuit Against Facebook
- How Mark Zuckerberg booted his co-founder out of the company
- A Facebook Tale: Founder Unfriends Pals On Way Up
- In Praise Of Eduardo Saverin's Tax Avoidance
- 5 citizens who left the U.S. to avoid paying tax