محمد بن زايد آل نهيان، شخصية فريدة و رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، يعد رمزا للقيادة الحكيمة والمؤثرة. منذ ولادته في العين عام 1961 وحتى توليه أعلى المناصب، تشكلت شخصيته القيادية من خلال تربية صارمة وتعليم متقن. استطاع بفضل رؤيته وإدارته الحكيمة أن يُسهم بشكل فعال في تعزيز مكانة الإمارات على الخريطة العالمية، موجها سياساتها نحو الازدهار والنمو.

النشأة والتعليم

بداياته: مولده ونشأته

وُلد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في مدينة العين في 11 مارس عام 1961، وهو الابن الثالث للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أول رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة وحاكم أبوظبي، وزوجته الشيخة فاطمة بنت مبارك الكتبي. نشأ محمد بن زايد في بيئة تعلي من قيم القيادة والمسؤولية، مما كان له بالغ الأثر في تشكيل شخصيته ومساره المهني المستقبلي.

تعليمه: المراحل الأساسية والعسكرية

في سن الرابعة عشرة، أرسله والده الشيخ زايد للدراسة في المغرب في المدرسة المولوية، المعروفة أيضا بالكلية الملكية أو المعهد الملكي، وهي مؤسسة تعليمية مرموقة داخل القصر الملكي في الرباط، مخصصة لتعليم الأمراء والأميرات من السلالة العلوية. خلال هذه الفترة، عاش محمد بن زايد تجربة تعليمية فريدة، حيث تعلم على الاعتماد على نفسه في مختلف جوانب الحياة اليومية.

تزامنت فترة دراسته في المغرب مع استعداد الملك الحسن الثاني لإطلاق مسيرة الخضراء، حيث شارك فيها محمد بن زايد ، مما زاد من تقديره للقضايا الوطنية والعربية. كما بدأت خلال هذه الفترة علاقة صداقة قوية مع الملك محمد السادس، نشأت منذ مقاعد الدراسة وتعززت من خلال مشاركة الهوايات مثل التزلج على الماء، والصيد، وركوب الخيل.

بعد عودته من المغرب، التحق الشيخ محمد بمدارس في العين وقضى أوقات الصيف في مدرسة جوردونستون الداخلية بالمملكة المتحدة، التي تعرف بتربيتها الصارمة ونظامها التعليمي المتميز. تولى عز الدين إبراهيم، وهو عالم مصري من الإخوان المسلمين، مسؤولية تعليمه في الإمارات، حيث أثرى تعليمه بالمعارف الدينية والأخلاقية.

انضم بعد ذلك إلى أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في المملكة المتحدة ، حيث تخرج في عام 1979. خلال فترة دراسته، أكمل دورات تدريبية متنوعة شملت الطيران، المدرعات، والمظلات، مما مهد الطريق له ليصبح ضابطا متميزا في القوات المسلحة الإماراتية. كما بنى علاقات قوية مع شخصيات عالمية خلال تلك الفترة، بما في ذلك عبد الله أحمد شاه، الذي أصبح ملكا على ماليزيا لاحقا.

في ثمانينيات القرن الماضي، واصل الشيخ محمد رحلته التعليمية والعملية من خلال رحلة إلى تنزانيا، حيث تعلم أهمية العمل الإنساني والتعاطف مع الآخرين، حتى لو كانوا من خارج نطاق معتقداته الدينية. هذه التجربة، كما يرويها، كانت لحظة فارقة في حياته حيث أدرك أهمية الإنسانية والتسامح من خلال توجيهات والده.

عقب عودته، شارك في دورة الضباط التدريبية بإمارة الشارقة، ثم تقلد عدة مناصب في القوات المسلحة، بدءا من الحرس الأميري وصولا إلى الطيار في القوات الجوية الإماراتية، مما أكسبه خبرة عسكرية وقيادية شاملة.

الحياة الشخصية

نسبه وأصوله

يعود نسب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى قبيلة بني ياس، واحدة من أبرز القبائل في تاريخ الإمارات العربية المتحدة، والمعروفة بتأسيس حلف بني ياس الذي لعب دورا محوريا في تشكيل الدولة. واسمه الكامل، محمد بن زايد بن سلطان بن زايد بن خليفة بن شخبوط بن ذياب بن عيسى بن نهيان بن فلاح بن ياس. يعكس تاريخا طويلا وغنيا بالقيادات الرائدة التي ساهمت في رسم مستقبل المنطقة.

عائلته وأسرته

الشيخ محمد هو الابن الثالث للشيخ زايد بن سُلطان آل نهيان، الذي كان يشغل منصب الرئيس الأول لدولة الإمارات العربية المتحدة وحاكم إمارة أبو ظبي. والده، المعروف بأبو الأمة، كان رمزا للتطور والنماء في الإمارات. إخوته هم خليفة، سلطان، حمدان، هزاع، سعيد، عيسى، نهيان، سيف، طحنون، منصور، فلاح، ذياب، عمر، وخالد، بالإضافة إلى الأخوين ناصر وأحمد اللذين توفيا، وعدد من الأخوات اللاتي لعبن دورا هاما في الأعمال الخيرية والاجتماعية.

أسرته وزواجه

في عام 1981، تزوج الشيخ محمد من سلامة بنت حمدان بن محمد آل نهيان، وأثمر زواجهما عن إنجاب تسعة أبناء: مريم، خالد ، شمسة، ذياب، حمدان، فاطمة، شما، زايد، وحصة. يعكس ترتيب أبنائهما التزامهما بتربية جيل يتمتع بالقيم العائلية القوية والاستعداد للمسؤولية، مما يتماشى مع تقاليد آل نهيان في تعزيز روابط الأسرة والمسؤولية تجاه الوطن.

الحياة الشخصية والاهتمامات

الشيخ محمد بن زايد معروف بشغفه بالرياضات، خاصة رياضة التزلج على الماء والصيد وركوب الخيل، وهي هوايات يتقاسمها مع أصدقائه وأفراد عائلته. كما يعتبر داعما كبيرا للثقافة العربية والإسلامية، وهو ملتزم بقيم العدالة والإحسان، مما يعكسه تعامله الإنساني تجاه الآخرين واهتمامه بالقضايا الإنسانية على المستوى العالمي.

المسيرة السياسية

الخطوات الأولى في مسيرته السياسية

بدأت الخطوات الأولى للشيخ محمد بن زايد في المجال السياسي بتعيينه نائبا لولي عهد أبوظبي في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2003 من قبل والده اَلشيخ زايد بن سلطَان آل نهيان . كان هذا التعيين بمثابة بداية مهمة لمسيرته السياسية، حيث أعطاه فرصة للتعمق أكثر في شؤون الدولة وتعلم فنون القيادة والحكم تحت إشراف والده، الذي كان يعتبر معلمه الأول ومرشده.

توليه المناصب الهامة قبل الرئاسة

بعد وفاة والده في عام 2004، تولى محمد بن زايد ولاية عهد إمارة أبوظبي، وفي نفس العام تم تعيينه رئيسا للمجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي. في هذه الأدوار، عمل على تطوير وتخطيط الإمارة، وأشرف على مشروعات التنمية الكبرى التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة للمواطنين ورفع مكانة أبوظبي كمركز اقتصادي وثقافي عالمي. كما استقبل ورافق ملكة المملكة المتحدة، الملكة إليزابيث الثانية، والأمير فيليب، دوق أدنبرة، خلال زيارتهما للإمارات في عام 2010، ما يعكس دوره المهم في تعزيز العلاقات الدبلوماسية.

أبرز المحطات في مسيرته السياسية حتى توليه الحكم

كان للشيخ محمد بن زايد دور بارز في السياسة الخارجية، حيث عمل على تعزيز الروابط مع دول خارج منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. في عام 2018، دعاه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى باريس لمناقشة استراتيجيات مكافحة التطرف وصياغة خريطة طريق لشراكة مستقبلية، وتضمن البيان المشترك بنودا لتعزيز التعاون والتبادل بين البلدين في عدة مجالات.

في عام 2019، شهدت علاقات الإمارات تطورا مع سنغافورة، حيث تم توقيع مذكرة إعلان شراكة شاملة تعزز التعاون الثنائي في مجالات الأعمال، الدفاع، والتعليم.

قدم الشيخ محمد بن زايد العديد من المساعدات المالية الدولية لتعزيز مكانة الإمارات ومساندة الدول الأخرى، مثل المنحة المقدمة إلى إثيوبيا في عام 2018 بقيمة 3 مليارات دولار لمساعدتها على التغلب على نقص العملات الأجنبية. كما تمثل الإمارات في قمم الأمن النووي ودعي كضيف رئيسي في الاحتفالات بيوم الجمهورية في الهند، مما يؤكد على دوره الكبير وتأثيره في السياسة العالمية.

توليه الحكم

الظروف المحيطة بتوليه الحكم

في 13 مايو 2022، توفي شقيق الشيخ محمد بن زايد، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ، في أبوظبي عن عمر ناهز 73 عاما. في هذه اللحظات الحرجة، نعى الشيخ محمد أخاه بكلمات مؤثرة، وصف فيها الراحل بأنه قائد “مرحلة التمكين” وأمين على رحلة الإمارات المباركة. تولى الشيخ محمد بن زايد حكم إمارة أبوظبي فور الإعلان عن وفاة أخيه، مما مثل تحولا كبيرا ومباشرا في قيادة الإمارة.

الأدوار والمسؤوليات كرئيس دولة

في اليوم التالي لوفاة الشيخ خليفة، عقد المجلس الأعلى للاتحاد، الذي يضم حكام الإمارات السبع ويمثل أعلى سلطة لصنع القرار في الدولة، اجتماعا في قصر المشرف بأبوظبي. خلال هذا الاجتماع، تم انتخاب الشّيخ محمد بن زايد آل نهيان بالإجماع رئيسا لدولة الإمارات العربية المتحدة، وفقا للمادة 51 من الدستور. بهذا، أصبح الشيخ محمد الرئيس الثالث للدولة منذ تأسيس الاتحاد في عام 1971.

بصفته رئيسا، تتركز مسؤوليات الشيخ محمد بن زايد على قيادة البلاد نحو مزيد من التقدم والازدهار، مع الحفاظ على الاستقرار الداخلي وتعزيز العلاقات الدولية. كما يتولى الإشراف على تنفيذ السياسات الوطنية ويعمل على تحقيق أهداف رؤية الإمارات 2021 والمخططات التنموية الطموحة لما بعد ذلك. يمارس أيضا دورا حيويا في تعزيز الأمن والسلام الإقليميين والدوليين، ويعمل على ترسيخ مكانة الإمارات كمركز عالمي رئيسي للتجارة والابتكار.

تولي الشيخ محمد الحكم جاء في ظروف استثنائية ولكن بانتقال سلس للسلطة أظهر مدى استقرار ونضج النظام السياسي في الإمارات، مما عزز ثقة المجتمع الدولي في قدرة البلاد على تجاوز الأزمات بكفاءة وحكمة.

التنمية الاقتصادية

دوره في المجلس الأعلى للبترول

يتولى محمد بن زايد منصب نائب رئيس المجلس الأعلى للبترول، وهو الجهاز الرئيسي المسؤول عن الموارد الهيدروكربونية في إمارة أبوظبي. تحت إشرافه، أطلق المجلِس عدة استراتيجيات للتطوير والتنويع الاقتصادي تتعلق بإنتاج النفط الخام والبنزين والمركبات الأروماتية، إلى جانب تحديد أسعار الغاز وزيادة القدرة الإنتاجية للبولي أوليفين. هذه الإجراءات لعبت دورا محوريا في تعزيز الاستقلالية الاقتصادية للإمارة وتقليل اعتمادها على الموارد الخارجية، ما أسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام.

مبادرات النهضة الاقتصادية والتحديث

محمد بن زايد يرأس مجلس التوازن الاقتصادي، الذي يعد المحور الرئيسي لتنويع الاقتصاد في أبوظبي منذ تأسيسه عام 1992. بصفته رئيسا لهذا المجلس، قاد مبادرات تهدف إلى تحويل الاستثمارات الدفاعية إلى مشاريع مربحة في قطاعات متنوعة، مما يعزز من تنويع مصادر الدخل الوطني.

كما يترأس محمد بن زايد شركة مبادلة للتنمية، وهي الأداة الاستثمارية الرئيسية لحكومة أبوظبي. منذ تأسيسها في عام 2002، قامت مبادلة بدور كبير في تعزيز المزايا الاجتماعية والاقتصادية طويلة الأمد للإمارات من خلال الاستثمارات العالمية والمشاريع الاقتصادية المتنوعة.

بالإضافة إلى ذلك، يشغل منصب رئيس مجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي، حيث أطلق مبادرة “شراكة” التي تعزز القطاع الخاص في الإمارات وتسهل إدارة الأعمال والاستثمار في أبوظبي. تحت قيادته، نفذ المَجلس العديد من المبادرات لتنمية ريادة الأعمال ودعم الابتكار.

في يونيو 2018، وافق على حزمة من الحوافز الاقتصادية بقيمة 50 مليار درهم إماراتي تمتد على مدار ثلاث سنوات، تهدف إلى تعزيز الفرص الاقتصادية طويلة الأمد للإماراتيين والمستثمرين. وأمر بإجراء مراجعة شاملة لأنظمة وقوانين البناء لتحفيز التنمية الحضرية والبنية التحتية المستدامة.

مبادرات التعليم والابتكار

تعزيز قطاع التعليم

محمد بن زايد عمل على تطوير قطاع التعليم في الإمارات العربية المتحدة من خلال رئاسته لمجلس أبوظبي للتعليم، الذي تأسس في عام 2005. تحت قيادته، تم تنفيذ استراتيجيات تهدف إلى تطوير التعليم على جميع المستويات، من رياض الأطفال حتى الثانوية العامة، بما في ذلك التعليم العالي. ركزت هذه الاستراتيجيات على رفع مستوى التعليم ليضاهي النظم الدولية الرائدة، مع تعزيز الجودة التعليمية في المدارس الحكومية والخاصة على حد سواء.

دعم الابتكار والبحث العلمي

يرأس محمد بن زايد مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، والذي يلعب دورا كبيرا في تعزيز البحث العلمي والأكاديمي حول القضايا الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية والأمنية المؤثرة في المنطقة. كما دعم تطوير التكنولوجيا في الإمارات، وشجع على ثقافة الابتكار من خلال رعاية فعاليات مثل المهرجان الوطني للعلوم والتكنولوجيا والابتكار. بالإضافة إلى ذلك، أسس تحدي محمد بن زايد العالمي للروبوت بهدف تحويل الإمارات إلى مركز إقليمي للبحث في مجال الروبوت والأنظمة ذاتية التحكم.

في عام 2008، تم إطلاق برنامج منحة الشيخ محمد بن زايد للتعليم العالي بالتعاون مع جامعة نيويورك أبوظبي، والذي يوفر للطلاب المتفوقين في الإمارات فرصا أكاديمية وقيادية مميزة. هذه المبادرات ليست فقط تعكس التزام الشيخ محمد بن زايد بتحسين التعليم، بل تظهر أيضا جهوده الرامية إلى إعداد جيل جديد من القادة المؤهلين والمبدعين في الإمارات.

تمكين المرأة

إجراءات وسياسات تمكين المرأة

محمد بن زايد عمل بجد لدعم وتمكين المرأة في الإمارات العربية المتحدة، حيث يعتبر مناصرا قويًا لتعزيز دور المرأة في جميع المجالات، بما في ذلك المجالات التقليدية التي يهيمن عليها الرجال.

في أبريل 2019، استقبل وفدا من ضابطات برنامج تدريب المرأة العربية على العمل العسكري وحفظ السلام، اللاتي كن يخضعن للتدريب في أبوظبي استعدادا للمشاركة في عمليات الأمم المتّحدة العالمية. وأكد خلال استقباله الضابطات على الدور الحاسم الذي تلعبه المرأة في تعزيز الأمن والسلام العالميين.

كما أنه شجع على تواجد المرأة في قطاع الخدمات الحكومية، مستضيفا في عام 2019 أول دفعة من الإطفائيات الإماراتيات المعتمدات. وقد أثنى على دورهن كشريكات فعالات في التنمية الوطنية، مشددا على أنهن يلعبن دورا مهما في دفع خطط التطوير الاستراتيجية للبلاد نحو الأمام.

الأثر الملموس لمبادرات تمكين المرأة في المجتمع

الجهود التي بذلها محمد بن زايد في تمكين المرأة قد أثمرت عن نتائج إيجابية ملموسة في المجتمع الإماراتي. من خلال دعمه لمشاركة المرأة في القطاعات المختلفة، ساهم في تغيير النظرة التقليدية لأدوار الجنسين وفتح أبواب جديدة للنساء في الدولة.

هذا الدعم لم يقتصر على الأمور المحلية فقط بل تعداه إلى المستوى الدولي، كما في حالة ملالا يوسفزي التي تعرضت لهجوم من قبل طالبان. وقد وجه محمد بن زايد بتقديم الرعاية الطبية اللازمة لها وتكفل بنقلها عبر طائرة إسعاف جوي إماراتية إلى المملكة المتحدة لتلقي العلاج.

وفي مايو 2013، أثناء توجهها لأداء مناسك العمرة، توقفت ملالا في أبوظبي لتقديم الشكر للإمارات ولمحمد بن زايد على المساعدة والدعم الذي قدم لها، مؤكدة أن الدعم الذي تلقته من ولي عهد أبوظبي يعكس الجوانب الإنسانية العميقة للتعاليم الإسلامية. هذه الأمثلة تبرز كيف أن تأثير مبادرات تمكين المرأة قد تعدى الحدود المحلية ليصبح له صدى عالمي، مما يعزز مكانة الإمارات كدولة رائدة في مجال حقوق الإنسان وتمكين المرأة.

الحفاظ على البيئة

مشاريع الاستدامة وحماية البيئة

محمد بن زايد وضع حماية البيئة والحياة البرية في صميم اهتماماته. من خلال تأسيسه لمؤسسة محمد بن زايد للحفاظ على الطيور الجارحة بتمويل قدره 20 مليون دولار، ركز على حماية أنواع مثل الصقور والحبارى البرية والمها العربي. إضافة إلى ذلك، قدم تبرعا بقيمة مليون دولار لمبادرة تهدف لمنع موت الطيور البرية بسبب خطوط الكهرباء، مما يعكس التزامه بتعزيز ممارسات الحفاظ على البيئة.

يترأس محمد بن زايد كذلك صندوق محمد بن زايد للمحافظة على الكائنات الحية، وهو وقف خيري بقيمة 25 مليون يورو يقدم المنح للمبادرات الفردية في مجال حفظ الأنواع. هذا الصندوق لا يسهم فقط في تمويل المشاريع البيئية بل يشجع على تعزيز الوعي العام بأهمية حماية البيئة والتنوع البيولوجي.

لقد تم تسمية نوع جديد من سحلية الخشب باسم Enyalioides binzayedi تقديرا لجهوده في هذا المجال، ما يدل على الاعتراف الدولي بأثره الإيجابي في الحفاظ على الطبيعة.

الاستثمار في الطاقات المتجددة

محمد بن زايد أظهر التزاما قويا نحو الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة كجزء من استراتيجية التنمية المستدامة للإمارات. في سياق هذا الالتزام، تعهد بمبلغ 15 مليار دولار لتطوير تقنيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الهيدروجينية. هذه الاستثمارات تهدف لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتعزيز القدرات الإنتاجية للطاقة النظيفة في البلاد.

بالإضافة إلى ذلك، ساهم محمد بن زايد في تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المتقدمة من خلال دعمه لمصنع غلوبل فاوندريز التابع لشركة مبادلة، الذي يعمل على تطوير برنامج تصنيع أشباه الموصلات. هذه الخطوة لا تسهم فقط في تعزيز قطاع التكنولوجيا في الإمارات بل تعزز أيضا الجهود المبذولة في مجال تكنولوجيا الطاقة المتجددة، مما يمكن البلاد من احتلال موقع ريادي في هذا المجال على المستوى العالمي.

دوره في تشكيل السياسة الخارجية

محمد بن زايد لعب دورا رئيسيا في تشكيل السياسة الخارجية للإمارات، متبنيًا استراتيجيات تعزز من مكانة الدولة على الساحة العالمية. كان داعما للتدخلات الإقليمية في الدول العربية مثل مصر واليمن وليبيا، حيث دعم الانقلاب في مصر 2013 والمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، وأيضا دعم العمليات العسكرية في ليبيا ضد القوات الموالية للحكومات المعترف بها دوليًا. هذه السياسات كانت تهدف إلى تعزيز الاستقرار وفقا لرؤية الإمارات، لكنها كثيرا ما أثارت جدلاً بين المجتمع الدولي.

العلاقات الدولية والتحالفات الاستراتيجية

بن زايد أيضا كان له دور بارز في تعزيز العلاقات الدولية وتشكيل التحالفات الاستراتيجية. برزت دبلوماسيته بشكل خاص خلال مفاوضات اتفاقيات إبراهيم، حيث ساهم في تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، وهو ما فتح الباب لمزيد من الاتفاقيات بين إسرائيل ودول عربية أخرى. هذه الاتفاقيات تعد تحولا كبيرا في السياسة الإقليمية وقد نوقشت على نطاق واسع في الأوساط الدولية لما لها من تأثير على الديناميكيات الإقليمية والصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.

كما واجه بن زايد تحديات على الصعيد القضائي الدولي بسبب بعض سياساته، خاصة فيما يتعلق بالدور الإماراتي في الحرب اليمنية، حيث اتهم بالتواطؤ في أعمال التعذيب، وهو ما قاد إلى فتح تحقيق فرنسي ضده. هذه القضايا تعكس تعقيدات السياسة الخارجية الإماراتية والتحديات التي تواجهها في الحفاظ على صورتها كلاعب مسؤول على الساحة الدولية.

من خلال هذه الأنشطة، يظهر محمد بن زايد كشخصية محورية في السياسة الخارجية للإمارات، حيث يجمع بين الدبلوماسية النشطة والتدخلات الإقليمية، ما يسلط الضوء على النفوذ الكبير للإمارات في مجموعة واسعة من القضايا الإقليمية والدولية.

دعم الفنون والثقافة

الاهتمام بالثقافة والفنون

محمد بن زايد أظهر اهتماما كبيرا بتعزيز الثقافة والفنون في الإمارات العربية المتحدة، معتبرا ذلك جزءا لا يتجزأ من استراتيجية تنويع المشهد الثقافي والسياحي في البلاد. دعمه لمتحف اللوفر أبو ظبي ومتحف غوغنهايم أبو ظبي، الذي ما زال قيد الإنشاء، يظهر التزامه بجلب المعالم الثقافية العالمية إلى الإمارات. متحف اللوفر أبوظبي، الذي افتتح في نوفمبر 2017، يعد مثالا بارزا على هذه الجهود، حيث يجمع بين الفنون من مختلف حقب التاريخ والثقافات المتنوعة، مما يعكس رؤية محمد بن زايد لأبوظبي كمركز ثقافي عالمي.

بالإضافة إلى دعمه للمتاحف، أظهر بن زايد اهتماما خاصا بالفنون الشفوية، خاصة الشعر النبطي، الذي يعد جزءا مهما من التراث الثقافي الإماراتي. وقد دأب على تشجيع مسابقات الشعر المحلية واستضافة بعض منها تحت رعايته، مؤكدا على أهمية الشعر في الحفاظ على الهوية الثقافية وتعزيز اللغة العربية.

هذه المبادرات الثقافية لم تقتصر على الداخل فقط، بل امتدت لتشمل التعاون مع مؤسسات ثقافية دولية، مما عزز مكانة الإمارات كمركز للتبادل الثقافي والفني على مستوى العالم. من خلال هذه الجهود، يسعى محمد بن زايد إلى ترسيخ دور الإمارات كدولة حاضنة للفنون والثقافة، تعزز من قيم التسامح والانفتاح على الثقافات المختلفة.

دعم المهرجانات والفعاليات الثقافية

محمد بن زايد كان داعما رئيسيا للعديد من المهرجانات والفعاليات الثقافية التي تُقام في الإمارات. من خلال دعمه، تم تأسيس قصر الحصن كموقع تراثي يحتفي بالتاريخ العريق لأبوظبي ويقدم للزوار تجربة غامرة في تاريخ وثقافة الإمارات. هذه الفعاليات لا تعزز فقط الاهتمام بالفنون والثقافة المحلية، بل تسهم أيضا في جذب السياح وتعزيز الاقتصاد الثقافي.

من خلال تنظيم ودعم فعاليات مثل المهرجان الوطني للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، يُظهر بن زايد التزامه بتوفير منصة للمبدعين والفنانين لعرض أعمالهم ومشاركة معارفهم وابتكاراتهم مع جمهور واسع. هذه المهرجانات تلعب دورا مهما في تحفيز الحوار الثقافي وتعزيز التفاهم المتبادل بين الشعوب من مختلف الثقافات.

الأعمال الخيرية

المبادرات الخيرية والإنسانية

محمد بن زايد اشتهر بدعمه الكبير للمبادرات الخيرية والإنسانية، لا سيما في مجال الصحة العامة. في عام 2011، تعهد هو ومؤسسة بيل وميليندا غيتس بتقديم 50 مليون دولار لتمويل شراء وتوصيل اللقاحات للأطفال في أفغانستان وباكستان. هذا المبلغ جزء من التزام أكبر قيمته 100 مليون دولار، تم تخصيص ثلثيه للتحالف العالمي للقاحات والتحصين لشراء لقاحات تحصين الأطفال ضد عدة أمراض خطيرة، وتم تخصيص الباقي لمنظمة الصحة العالمية لمكافحة شلل الأطفال.

في إبريل 2018، أعلنت المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال أن دولة الإمارات، بقيادة محمد بن زايد، قد استكملت التزامها بقيمة 120 مليون دولار أمريكي، الذي تعهد به في قمة اللقاحات العالمية في 2013. هذه الجهود تظهر التزام الإمارات بدعم الصحة العالمية ومكافحة الأمراض المعدية على مستوى العالم.

التأثير العالمي لأعماله الخيرية

تأثير محمد بن زايد العالمي في الأعمال الخيرية ملموس، خصوصا في مجال مكافحة الأمراض المعدية. في عام 2017، أطلق صندوق “بلوغ آخر ميل” لجمع 100 مليون دولار بهدف القضاء والسيطرة على الأمراض المعدية التي تعيق التنمية في المجتمعات الفقيرة. تعهد بن زايد بمبلغ 20 مليون دولار للصندوق، وانضمت إليه جهات أخرى مثل مؤسسة بيل وميليندا غيتس والحكومة البريطانية.

إضافة إلى ذلك، محمد بن زايد قدم تبرعا بقيمة 30 مليون دولار لصالح “الشراكة من أجل دحر الملاريا” لدعم الجهود العالمية في مكافحة هذا المرض. وفي سياق مماثل، دعم مبادرات مكافحة الإتجار بالبشر من خلال تقديم 55 مليون درهم لمبادرة الأمم المتحدة العالمية لهذا الغرض. كما أن ماراثون زايد الخيري الذي يقام سنويا في نيويورك، والذي تذهب عائداته لمؤسسة الكلى الوطنية الأمريكية، قد جمع ملايين الدولارات منذ إطلاقه في 2005، مما يبرز حجم الأثر الإيجابي للأعمال الخيرية التي يدعمها محمد بن زايد.

أعماله وثروته

كم تبلغ ثروة محمد بن زايد؟

تقدير الثروة الشخصية لمحمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربيّة المتحدة، يعتبر أمرا معقدا نظرا للخصوصية المتعلقة بالمعلومات المالية للعائلات الحاكمة. ومع ذلك، بحسب بعض التقديرات، يعتقد أن صافي ثروة عائلة “آل نهيان” يفوق 150 مليار دولار أمريكي. أما بالنسبة لمحمد بن زايد بشكل خاص، فقد أشارت بعض المصادر إلى أن ثروته قد تصل إلى حوالي 30 مليار دولار.

أين يستثمر محمد بن زايد أمواله؟

تتنوع استثمارات محمد بن زايد بشكل كبير، حيث يمتلك ويؤثر في عدة شركات كبرى ومشروعات، لعل من أبرزها مجموعة سيتي فوتبول التي تشمل عدة أندية كرة قدم عالمية مثل مانشستر سيتي في المملكة المتحدة، نيويورك سيتي في الولايات المتحدة، وملبورن سيتي في أستراليا، بالإضافة إلى أندية أخرى موزعة حول العالم.

كما يحتل محمد بن زايد مراكز نفوذ في قطاعات حيوية عديدة من خلال شركة القابضة الدولية (IHC)، التي تشارك في صناعات متنوعة مثل الزراعة، الاستثمارات الرأسمالية، الطاقة، الترفيه، الرعاية الصحية، والعقارات، مما يعكس محفظة استثمارية متنوعة تهدف إلى تعزيز فرص النمو والابتكار.

أيضا، يعتبر شخصية رئيسية في قطاع الطاقة، خصوصا من خلال دعمه لمصدر، الرائدة عالميا في مجال الطاقة النظيفة التي تأسست بواسطة مبادلة، وهي تحت تأثيره. مصدر تقوم بتوسيع مشاريعها في الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، بهدف زيادة القدرة الإنتاجية بشكل ملحوظ بحلول العام 2030.

الخاتمة

لقد أثبت الشيخ محمد بن زايد بن سُلطان آل نهيان قدرته على قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة نحو آفاق جديدة من التقدم والازدهار. من خلال التركيز على التنمية الشاملة والمستدامة، تمكن من تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة، مؤكدا دوره كزعيم استثنائي يسعى لتحقيق الرفاهية لشعبه وتعزيز مكانة دولته على الساحة العالمية.

قسم الأسئلة الشائعة (FAQ)

• ما هو الاسم الكامل لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد؟

الاسم الكامل هو محمد بن زايد بن سلطان آل نهيان.

• كم عدد الأبناء لدى الشيخ محمد بن زايد؟

لدى صاحب السمو تسعة أبناء، أربعة أبناء وخمس بنات.

أبناء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان هم:

سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد.
سمو الشيخ زايد بن محمد بن زايد.
سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد.
سمو الشيخ حمدان بن محمد بن زايد.

بناته هن:
سمو الشيخة مريم بنت محمد بن زايد.
سمو الشيخة حصة بنت محمد بن زايد.
الشيخة شما بنت محمد بن زايد.
سمو الشيخة الريم بنت محمد بن زايد.
سمو الشيخة شمسة بنت محمد بن زايد.
سمو الشيخة فاطمة بنت محمد بن زايد.

• متى تولى الشيخ محمد بن زايد رئاسة دولة اَلإمارات العربية المتحدة؟

تولى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد رئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة في مايو 2022.

• ما هي العلاقة بين الشيخ محمد بن زايد والشيخ محمد بن راشد؟

الشيخ محمد بن زايد و الشيخ محمد بن راشد هما من الشخصيات القيادية البارزة في دولة الإمارات، حيث يشغل الأخير منصب نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء و حاكم دبي.

• كيف ساهم الشيخ محمد بن زايد في الحفاظ على إرث والده؟

يحرص الشيخ محمد بن زايد على استمرارية الأعمال والمبادرات التي بدأها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، من خلال دعم السياسات والمشاريع التي تعزز النمو والاستقرار في الإمارات.

• ما هي علاقة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد بالأمير محمد بن سلمان؟

يتمتع صاحب اَلسمو الشيخ محمد بن زايد و الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، بعلاقة قوية تعكس تعاونا وثيقا بين الإمارات العربية المتّحدة والمملكة العربية السعودية في العديد من القضايا الإقليمية والدولية.

• ما هي المدرسة المولوية وما هي أهميتها في حياة الشيخ محمد بن زايد؟

المدرسة المولوية هي مؤسسة تعليمية راقية تقع داخل القصر الملكي في الرباط بالمغرب، مخصصة لتعليم الأمراء والأميرات من السلالة العلوية. لعبت دورا مهما في تشكيل الأساس التعليمي للشيخ محمد بن زايد خلال فترة دراسته هناك.

• كيف تأثرت العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة والمغرب خلال فترة وجود الشيخ محمد بن زايد في المدرسة المولوية؟